إنطباعات زائر عن مدينة إسطنبول الجميلة

خلال عطلة رأس السنة الميلادية الجديدة قمت بزيارة قصيرة لمدينة إسطنبول وهناك بعض التفاصيل والانطباعات التي كونتها عن المدينة وودت تدوينها ومشاركتها هنا، وحتى تكون المقارنة بين مدينة إسطنبول وطوكيو موضوعية، سأقارن بعض تفاصيل المدينة مع مثيلاتها من مدن الشرق الأوسط كحلب ودمشق.

سأبدأ من البنية التحتية الخاصة بالنقل والموصلات، الصراحة تقال فإن المدينة رغم اتساعها شرقاً وغرباً، فإن نظام النقل فيها شبه متكامل، حيث بإمكان أي مسافر ضمن المدينة التنقل بين أطرافها باستخدام وسائل النقل المتنوعة، من حافلات النقل السريع (الميتروبوس كما يسميه السوريون هناك) والحافلات العادية، فالترامواي، قطارات الإنفاق وسيارات الأجرة. وإذا استثنيت ساعات الذروة، فإن الحافلات في إسطنبول بشكل عام تأتي في مواعيدها التي تظهر على تطبيق google map وذلك يعطي موثوقية عالية لشركة النقل.

تمنيت في البداية لو أن هناك خطوط قطارات عادية conventional train lines تصل بين أطراف المدينة لتجعل حركة التنقل والسفر ضمن أرجاء المدينة أكثر راحة، ولكن تبينت فيما بعد أن تضاريس المدينة الجبلية وتوزع التلال بشكل كبير يجعل الأمر شبه مستحيل كون الميول المسموحة لخطوط القطارات صغيرة جداً مقارنة مع ميول الطرقات.

الحافلات نظيفة جداً من الداخل ويبدو أن سكان المدينة يحبون مدينتهم، فلم ألحظ كراسي مكسرة أو كتابات لأحدهم دون ذكرى هنا أو هناك على خلفية الكرسي أو على جزء من الباص كما هو شائع في بلادنا للآسف. أيضاً زجاج مواقف الحافلات غير مكسر ولا يوجد عليه تدوينات لذكريات.
وذات الأمر ينطبق على عربات الترامواي وقطارات الأنفاق.
أستطيع أن أقول أن نظافة محطات قطارات الأنفاق والحافلات في إسطنبول بمستوى نظافة محطات قطارات الأنفاق والحافلات في طوكيو.

الشيء الوحيد المزعج هو عدم انتظام الناس في أرتال وتدافعهم أثناء صعود القطارات أو الترامواي، وهو عادة سيئة جداً منتشرة في بلاد الشرق الأوسط وحتى بعض البلاد الأوروبية كما لاحظت. وكذلك انتشار التدخين بشكل واسع ومزعج جداً في الشوارع ومواقف الحافلات.

كذلك لاحظت مستوى النظافة والعناية بالممتلكات العامة في الحدائق والشوارع المتقدم على مدن مشابهة لها في الشرق الأوسط.

من الأشياء الجميلة والمريحة في إسطنبول هو نظام عنونة أحياء المدينة وطرقها وحتى أسماء أبنيتها، تجعل عملية التنقل باستخدام تطبيق google map سهل وبسيط ومريح جداً يغنيك عن السؤال في حال كنت غريب عن المدينة أو لا تتكلم اللغة التركية.

التصميم المعماري للأبنية جميل. حيث وجدت تصاميم معمارية ذات أشكال هندسية وفنية جميلة قلما شاهدتها في اليابان صراحة. بل أن المدينة والمناطق السكنية أكثر تنظيماً ورتابة من مدننا في سوريا. والمشافي العامة والمستوصفات نظيفة ومنتشرة في كل مناطق المدينة وهو أمر يبعث على السرور.

بشكل عام الناس لطفاء و ودودون ويحاولون المساعدة قدر الإمكان، بالرغم من أني لا أجيد أي كلمة باللغة التركية فالناس هناك كانوا يحاولون المساعدة والإجابة على أسائلتي باللغة الإنكليزية بلغتهم التركية ولغة الإشارة وعرض الصور أو الخرائط مع إبتسامة وضحكة لا تفارق ووجوههم كما هو في سورية أو اليابان حتى وإن كنا لا نتكلم لغة مشتركة. كما أن تطبيق google translator كان مساعد جداً للتواصل والترجمة من الانكليزية إلى التركية لقضاء بعض الأمور في المشفى عند التسجيل لأخذ مسحة بفيروس كورونا قبل السفر. تفاجأت بوجود مترجمين سوريين في المشافي العامة التركية ولكن كون معظهم من الصبايا واللاتي يضعن حجاباً مشابة لحجاب الصبايا التركيات فقد صعب علي تمييزهن إلا عندما أنطلق كلمة أو عبارة بالعربية أو السؤال عن ترجمان بالعربية بدل الإنكليزية.

انتشار أو فهم اللغة الإنكليزية في إسطنبول من قبل العامة أو في الأماكن العامة بذات مستوى انتشارها في طوكيو أو باريس أو دمشق أو حلب لا يقل أو يعلو على سكان تلك المدن، أما طلبة الجامعات فهو أفضل، غير ذلك فإتقانك لمستوى لغة إنكليزية مشابه لمستوى الكوموديان الياباني السيد ديغاوا كاف جداً للتواصل مع الآخرين.

( لمن لا يعرف السيد ديغاوا ومستوى لغته الإنكليزية فليشاهد هذا الفيديو https://youtu.be/29SY8AyrjLA) .

قد تكون اللغة العربية والإنكليزية أكثر انتشاراً في المناطق السياحية.

هناك مناطق وأسواق في الجزء الأسيوي من إسطنبول تجد لها صوراً مشابهة من مناطق وأسواق في دمشق وحلب وحتى الطعام متشابه ولذيذ أيضاً.
منظر مدينة إسطنبول الليلي آخاذ ورائع تحسب نفسكم وأنت تجوب أحياء المدينة كأنك تتجول في إحدى المدن المذكورة في كتاب ألف ليلة وليلة أو قصص السندباد البحري.

تمنيت لو أنه يتم العمل على ترميم ماتبقى من محطات قطار الشرق السريع الذي كان يربط باريس بإسطنبول لتصبح متاحف أو معارض فنية كما حدث في باريس حيث تم تحويل محطة أورسيه لتغدوا متحفاً للفنون.

أحببت مدينة إسطنبول وطقسها الدافئ جداً في الشتاء مقارنة مع طوكيو وكذلك لطافة وود كل من قابلتهم خلال رحلتي بما في ذلك السوريين المقيمين في إسطنبول ويعملون بجد لتأمين سبل حياتهم بكل كرامة.
كما أعجبني لطف ودماثة السوريين الذين يعملون في منطقة يوسف باشا حيث تنتشر المحلات والمطاعم السورية.
أتمنى على مدن وبلدان الشرق الأوسط المجاورة لتركيا الاستفادة من التجربة التركية لتطوير مدنها وتوفير الخدمات العامة والبنية التحتية المناسبة لسكانها.
كما نويت العزم على تعلم اللغة التركية ولو بالأحد الأدنى حتى استمتع أكثر أثناء زيارتي القادمة لتركيا.

كما تمنيت لو يتم سن قوانين تختص بنظافة وبيئة ورش ومواقع البناء من حيث إزالة الأتربة وغسل الشوارع وتنظيفها وعدم استخدام الأرصفة والشوارع المجاورة لموقع البناء كجزء من الموقع، حيث ما أن تهطل الأمطار حتى تجد الوحل والطين ينتشر في كل مكان ويتسبب في قذارة الشوارع والمحلات والمنازل المجاورة كذلك تلطخ ألبسة المارة وأحذيتهم به. (هذا النوع من ثقافة ونظافة البناء أتمنى أن تولي له البلديات كثير من الاهتمام كونه يتسبب بتلوث البيئة)

الصورة المرفقة هي لمسجد نصرتية ذو التصميم العثماني الأوروبي حيث تجد أن مدخل الجامع مشابهة لنظام الابرطمانات الفرنسية أما قاعدة المأذنة فهي ذات تصميم إيطالي جميل مع الإبقاء على نظام القباب والمآذن المدببة العثمانية
الصورة الثانية هي لواجهة آخر محطة من محطات قطار الشرق السريع الذي تحول جزء منه ليصبح محطة لقطار الأنفاق في إسطنبول.